فصل: قال القاسمي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج ابن أبي شيبة. وابن عساكر عن ابن بريدة في الآية قال: هو عبد الله بن مسعود.
وأخرج ابن عساكر من طريق الكلبي. عن أبي صالح. عن ابن عباس قال: هو عبد الله بن مسعود.
وأخرج ابن جرير. وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {والذين اهتدوا زَادَهُمْ هُدًى وءاتاهم تَقُوَاهُمْ} قال: لما أنزل القرآن آمنوا به. فكان هدًى. فلما تبيّن الناسخ من المنسوخ زادهم هدًى.
وأخرج ابن المنذر عنه: {فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا} قال: أول الساعات. وقد ثبت في الصحيحين. وغيرهما من حديث أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بعثت أنا والساعة كهاتين». وأشار بالوسطى والسبابة. ومثله عند البخاري من حديث سهل بن سعد.
وفي الباب أحاديث كثيرة فيها بيان أشراط الساعة. وبيان ما قد وقع منها. وما لم يكن قد وقع. وهي تأتي في مصنف مستقل فلا نطيل بذكرها.
وأخرج الطبراني. وابن مردويه. والديلمي عن عبد الله بن عمرو. عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أفضل الذكر لا إله إلاّ الله. وأفضل الدعاء الاستغفار» ثم قرأ: {فاعلم أَنَّهُ لاَ إله إِلائَ الله واستغفر لِذَنبِكَ وللْمُؤْمِنِينَ والمؤمنات}.
وأخرج عبد الرزاق. وعبد بن حميد. والترمذي وصححه. وابن المنذر. وابن أبي حاتم. وابن مردويه. والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة في قوله: {واستغفر لِذَنبِكَ وللْمُؤْمِنِينَ والمؤمنات} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني لأستغفر الله في اليوم سبعين مرة» وأخرج أحمد. ومسلم. والترمذي. والنسائي. وابن جرير. وابن المنذر. وابن مردويه عن عبد الله بن سرجس قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم. فأكلت معه من طعام. فقلت: غفر الله لك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: «و لك». فقيل: أنستغفر لك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: «نعم ولكم» وقرأ: {واستغفر لِذَنبِكَ وللْمُؤْمِنِينَ والمؤمنات}.
وقد ورد أحاديث في استغفاره صلى الله عليه وسلم لنفسه ولامته. وترغيبه في الاستغفار.
وأخرج عبد بن حميد. وابن المنذر. وابن أبي حاتم عن ابن عباس {والله يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ} في الدنيا {وَمَثْوَاكُمْ} في الآخرة. اهـ.

.قال القاسمي:

سورة محمد:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.
{الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ}.
{الَّذِينَ كَفَرُوا} أي: جحدوا توحيد الله. وعبدوا غيره: {وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ} أي: أعرضوا وامتنعوا عن الإقرار لله بالوحدانية. ولنبيه بالرسالة. أوصدوا غيرهم عن ذلك {أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} أي: جعلها على غير هدى ورشاد.
{وَالَّذِينَ آمنوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} أي: الطاعات فيما بينهم وبين ربهم. وقوله: {وَآمنوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ} أي: بما أنزل الله به جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم. وإنما خصه بالذكر. مع دخوله فيما قبله. تعظيمًا لشأنه وتعليمًا؛ لأنه لا يصح الإيمان ولا يتم إلا به؛ إذ يفيد بعطفه أنه أعظم أركانه. لإفراده بالذكر. وقد تأكد ذلك بالجملة الاعتراضية التي هي قوله: {وهو الحق مِن رَّبِّهِمْ} أي: الثابت بالواقع. ونفس الأمر {كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ} أي: ستر بإيمانهم وعملهم الصالح. ما كان منهم من الكفر والمعاصي. لرجوعهم عنها وتوبتهم: {وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ} أي: حالهم وشأنهم. وعملهم في الدنيا بالتأييد والتوفيق.
قال الشهاب: البال يكون بمعنى الحال والشأن. وقد يخص بالشأن العظيم. كقوله صلى الله عليه وسلم «كل أمر ذي بال». ويكون بمعنى الخاطر القلبيّ. ويتجوز به عن القلب. ولوفسر به هنا كان حسنًا أيضًا. وقد فسره السفاقسي بالفكر؛ لأنه إذا صلح قلبه وفكره. صلحت عقيدته وأعماله. وقال ابن جرير: البال كالمصدر. مثل الشأن. لا يعرف منه فعل. ولا تكاد العرب تجمعه إلا في ضرورة شعر. فإذا جمعوه قالوا: بالات.
{ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمنوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِن رَّبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ}.
{ذَلِكَ} أي: المذكور من فعله تعالى بالفريقين ما فعله كائن: {بِأَنَّ الَّذِينَ} أي: بسبب أن الذين: {كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمنوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِن رَّبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ} أي: يشبه لهم الأشباه. فليحق بكل قوم من الأمثال أشكالًا.
قال الزمخشري: فإن قلت: أين ضرب الأمثال؟ قلت: في أن جعل اتباع الباطل مثلًا لعمل الكفار. واتباع الحق مثلًا لعمل المؤمنين. أو في أن جعل الإضلال مثلًا لخيبة الكفار. وتكفير السيئات مثلًا لفوز المؤمنين. انتهى.
{فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ ولويَشَاء اللَّهُ لأنتَصَرَ مِنْهُمْ ولكن لِّيَبْلُوبَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ}.
{فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ} لما كان طليعة هذه السورة تمهيدًا لجهاد المشركين الساعين في الأرض بالفساد. الصادّين عن منهج الرشاد. وبعثًا على الصدق في قتالهم. كسحًا لعقبة باطلهم. عملًا بما يوجبه الإيمان ويفرضه الإيقان. وتمييزًا لأولياء الرحمن من أولياء الشيطان. تأثر تلك الطليعة بهذه الجملة. ولذا قال أبو السعود: الفاء لترتيب ما في حيّزها من الأمر على ما قبلها؛ فإن ضلال أعمال الكفرة وخبثهم. وصلاح أحوال المؤمنين وفلاحهم. مما يوجب أن يرتب على كل من الجانبين ما يليق به من الأحكام؛ أي: فإذا كان الأمر كما ذكر. فإذا لقيتموهم في المحاربة. فضرب الرقاب. وأصله: فأضربوا الرقاب ضربًا. فحذف الفعل. وقدم المصدر. وأنيب منابه مضافًا إلى المفعول. وفيه اختصار وتأكيد بليغ. والتعبير به عن القتل. تصوير له بأشنع صورة. وتهويل لأمره. وإرشاد للغزاة إلى أيسر ما يكون منه: {حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ} أي: غلبتموهم. وقهرتم من لم تضربوا رقبته منهم. فصاروا في أيديكم أسرى: {فَشُدُّوا الْوَثَاقَ} بفتح الواو. وقرئ بكسرها. وهو ما يوثق به. أي: يربط ويشد. كالقيد والحبل. أي: فأمسكوهم به كيلًا يقتلوكم فيهربوا منكم: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء} أي: فإما تمنون بعد ذلك عليهم. فتطلقونهم بغير عوض. لزوال سبعيّتهم. وإما تفدون فداءً. فتطلقونهم بعوض مال. أو مسلم أسروه فيتقوى به المسلمون. أو يتخلص أسيرهم.
قال المهايمي: ولم يذكر القتل اكتفاء بما مر من قوله: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} [الأنفال: 67]. وذلك فيمن يرى فيه الإمام بقاء السبعية بالكمال. ولم يذكر الاسترقاق؛ لأنه في معنى استدامة الأسر. وذلك فيمن يرى فيه نوع سبعية. ولا تزالوا كذلك: {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} أي: إلى انقضاء الحرب. والأوزار: كالأحمال وزنًا ومعنى. استعير لالات الحرب التي لا تقوم إلا بها. استعارة تصريحية أو مكنية. بتشبيهها بإنسان يحمل حملًا على رأسه أوظهره. وأثبت له ذلك تخييلًا. وقد جاء ذكرها في قول الأعشى:
وَأَعْدَدْتَ لِلْحَرْبِ أَوْزَاْرَهَاْ ** رِمَاْحًا طِوَاْلًا وَخَيْلًَا ذُكُوْرًا

وقيل: أوزارها اثامها. يعني: حتى يترك أهل الحرب- وهم المشركون- شركهم ومعاصيهم بأن يسلموا.
تنبيهات:
الأول- قال في (الإكليل): في الآية بيان كيفية الجهاد.
الثاني- للسلف قولان في أن الآية: منسوخة. أو محكمة.
فروي عن ابن عباس. وقتادة. والضحاك. والسدي أنها منسوخة بقوله تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5]. قالوا: فلم يبق لأحد من المشركين عهد ولا ذمة بعد براءة. وانسلاخ الأشهر الحرم.
وروي عن ابن عمر. وعطاء. والحسن. وعمر بن عبد العزيز. أن الآية محكمة ليست منسوخة. وأنه لا يجوز قتل الأسير. وإنما له المن أو الفداء.
ووجه من ذهب إلى الأول تعارض الآيتين عنده بادئ بدء. فلم يبق إلا القول بإحداهما وهي المطلقة.
ومدرك الثاني أن الأمر بقتلهم المجمل في آيات. محمول على المفصل في مثل هذه الآية. أي: إن القتل عند اللقاء. ثم بعد انقضاء الحرب المن أو الفداء لا غير. إلا أن تبدومصلحة في القتل. فتلك من باب آخر.
وثم قول ثالث: وهو كون الآية محكمة مع تفويض الأمر إلى الإمام. وأن ذكر المن والفداء لا ينافي جواز القتل. لعلمه من آيات أخر. لاسيما ومرجع الأمر إلى المصلحة. وهذا القول هو الذي أختاره. وإذا دار الأمر في الآي بين الإحكام والنسخ. فالأول هو المرجح. وقد لا يتعارض قول من قال بالنسخ مع الذاهب إلى الإحكام. لما قدمناه في مقدمة التفسير. من تغاير اصطلاح السلف. والأصو ليين في النسخ.
ثم رأيت ابن جرير سبقني في ترجيح ذلك. وعبارته:
والصواب من القول عندنا في ذلك. أن هذه الآية محكمة غير منسوخة. وذلك أن صفة الناسخ والمنسوخ. أنه ما لم يجز اجتماع حكميهما في حال واحدة. أو ما قامت الحجة بأن أحدهما ناسخ الآخر. وغير مستنكر أن يكون جعل الخيار في المن. والفداء. والقتل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم. وإلى القائمين بعده بأمر الأمة. وإن لم يكن القتل مذكورًا في هذه الآية. لأنه قد أذن بقتلهم في آية أخرى. وذلك قوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5]. الآية. بل ذلك كذلك. لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك كان يفعل فيمن صار أسيرًا في يده من أهل الحرب. فيقتل بعضًا. ويفادي ببعض. ويمن على بعض. مثل يوم بدر: قتل عقبة بن أبي معيط. وقد أتي به أسيرًا. وقتل بني قريظة وقد نزلوا على حكم سعد. وصاروا في يده سلمًا. وهو على فدائهم والمن عليهم قادر. وفادى بجماعة. أسارى المشركين الذين أسروا ببدر. ومن على ثمامة بن أثال الحنفي. وهو أسير في يده. ولم يزل ذلك ثابتًا من سيره في أهل الحرب. من لدن أذن الله له بحربهم. إلى أن قبضه إليه صلى الله عليه وسلم دائمًا ذلك فيهم. وإنما ذكر جل ثناؤه في هذه الآية المن والفداء في الأسارى. فخص ذكرهما فيها. لأن الأمر بقتلهم والأذن منه بذلك. قد كان تقدم في سائر أي: تنزيله مكررًا. فأعلم نبيه صلى الله عليه وسلم بما ذكر في هذه الآية من المن والفداء. ما له فيهم مع القتل. انتهى كلام ابن جرير.
الثالث- من فوائد الآية أيضًا جواز تخلية سبيل المشركين. إذا ضعفت شوكتهم. وأمنت مفسدتهم. لأن ذلك من لوازم المن. وقبو ل الفداء. والقول بإبادة خضرائهم من غير تفصيل. ينافيه نص هذه الآية. وقبو ل النبي صلى الله عليه وسلم الجزية من مجوس هجر وهم مشركون. فتفهّم. وبالجملة. فالذي عو ل عليه الأئمة المحققون رضي الله عنهم. أن الأمير يخيّر. بعد الظفر تخيير مصلحة لا شهوة في الأسراء المقاتلين. بين قتال واسترقاق. ومنّ وفداء. ويجب عليه اختيار الأصلح للمسلمين؛ لأنه يتصرف لهم على سبيل النظر. فلم يجز له ترك ما فيه الحظ. كو ليّ اليتيم. لأن كل خصلة من هذه الخصال قد تكون أصلح في بعض الأسرى. فإن منهم من له قوة ونكاية في المسلمين. فقتله أصلح. ومنهم الضعيف ذوالمال الكثير. ففداؤه أصلح. ومنهم حسن الرأي في المسلمين. يرجى إسلامه. فالمنّ عليه أولى. ومن ينتفع بخدمته. ويؤمن شرّه. استرقاقه أصلح- كما في (شرح الإقناع).
الرابع- تسن دعوة الكفار إلى الإسلام قبل القتال لمن بلغته الدعوة. قطعًا لحجته. ويحرم القتال قبلها لمن لم تبلغه الدعوة. لحديث بريدة بن الحصيب قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بعث أميرًا على سرية أوجيش. أمره بتقوى الله تعالى في خاصة نفسه. وبمن معه من المسلمين. وقال: «إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث. فإن هم أجابوك إليها فاقبل منهم. وكف عنهم: ادعهم إلى الإسلام. فإن أجابوك فاقبل منهم. وكف عنهم. فإن هم أبوا فادعهم إعطاء الجزية. فإن أجابوك فاقبل منهم. وكف عنهم. فإن أبوا فاستعن بالله وقاتلهم» رواه مسلم.
وقيد الإمام ابن القيم وجوب الدعوة واستحبابها. بما قصدهم المسلمون. أما إذا كان الكفار قاصدين المسلمين بالقتال. فللمسلمين قتالهم من غير دعوة. دفعًا عن نفوسهم. وحريمهم. وأمر الجهاد موكو ل إلى الإمام واجتهاده. لأنه أعرف بحال الناس. وبحال العدو. ونكايتهم. وقربهم. وبعده- كما في (شرح الإقناع)-.
وقوله تعالى: {ذَلِكَ} خبر لمحذوف. أي: الأمر ذلك. أو مفعول لمقدر: {ولويَشَاء اللَّهُ لأنتَصَرَ مِنْهُمْ} أي: لنتقم منهم بعقوبة عاجلة. وكفاكم ذلك كله {ولكِن لِّيَبْلُوبَعْضَكُم بِبَعْضٍ} أي: ليختبركم بهم. فيعلم المجاهدين منكم والصابرين فيثيبهم. ويبلوهم بكم. فيعاقب بأيديكم من شاء منهم حتى ينيب إلى الحق {وَالَّذِينَ قُتِلُوا} أي: استشهدوا. وقرئ: {قَاْتِلُوْا}: {فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ}.
{سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ} [5. 6].
{سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ} أي: بيّنها لهم في كثير من آياته. تعريفًا يشوق كل مؤمن أن يسعى لها.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} أي: الظفر والتمكين في الأرض. وإرث ديار العدو.
{وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [8- 9].
{وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [8- 9].
{وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ} أي: خزيًا وشقاءً. وأصله من السقوط على الوجه. كالكبِّ {وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} أي: جعلها على غير هدى واستقامة {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ} أي: من الحق. وشايعوا ما ألفوه من الباطل {فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} كعبادتهم لأوثانهم. حيث لم تنفعهم. بل أوبقهم بها فأصلاهم سعيرًا.
{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وللْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا}.
{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ} أي: من الأمم المكذّبة رسلها. الرادة نصائحها {دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} أي: ما اختص بهم. وكان لهم. يقال: دمّره بمعنى أهلكه. ودمّره عليه: أهلك ما يختص به من المال والنفس. فالثاني أبلغ. لما فيه من العموم. لجعل مفعوله {نسيًا منسيًا}. فيتناول نفسه. وكل ما يختص به. والإتيان بـ: على؛ لتضمنه معنى أطبق عليه. أي: أوقعه عليهم محيطًا بهم. أو هجم الهلاك عليهم {وللْكَافِرِينَ} يعني المكذّبين رسول الله صلى الله عليه وسلم: {أَمْثَالُهَا} أي: أمثال عاقبة تكذيب الأمم السالفة.